الحلقة 440: لبنان أوَّلاً: وطن مدرَّع يَحمي الوطن المُشَرّع
(الجمعة 28 تشرين الأول 2005)
غالباً ما يُنعَت لبنان بـ”سويسرا الشرق”. وإننا، مع عدم انشداهنا بهذا النعت الذي لا يصح عندنا سياسياً ولا سياحياً ولا نظامياً، ننظر إلى التجربة السويسرية بإعجاب: فسويسرا كانت مشرَّعةً للخارج وظلت طويلاً معرّضة للضم والفصل بينها وبين دول الجوار، حتى رتّبت بيتها الداخلي وتوحدت واختارت الحياد والتحييد وباتت مقراً لمعظم المنظمات الأهلية والإنسانية والدولية. هكذا نجح فيها شعار “سويسرا أولاً” رافضةً أيّ وصل أو ضم مع أية دولةٍ أخرى (وفي جوارها بلدان حضارية عالية) وباتت سويسرا على ما هي اليوم من قوة ذاتية وداخلية، لا منعزلة عن أحد ولا مقفلة على أحد، لكنها حيادية محيَّدة تحترم الجميع ويحترمها الجميع، لأنها محكمة القبضة على بيتها الداخلي، بفضل شعارها “سويسرا أولاً”.
هكذا نحن نريد: “لبنان أوّلاً” مع احترامنا لكل من وما في الخارج، فنفرض على كل من وما في الخارج احترامنا وقوتنا الذاتية ومناعتَنا الداخلية، وحصانتَنا ضد كل اختراقات من الخارج.
جميع الذين احتلونا أو تدخّلوا أو تداخلوا، عادوا فاعترفوا بكلفة احتلالهم وتدخلهم وتداخلهم، وإذا كانوا هم ارعووا فأحرى بنا نحن أن نرعوي ونعي ونفهم أخيراً أنّ كل حبة تراب من أرض لبنان سليلة إرث حضاري لأجداد تركوا لنا إرث الأرض والوطن والأجيال اللبنانية، فلا نفرّطن بهذا الإرث في انتماءاتٍ خارجية، ولنتماسَكْ عائلة لبنانية واحدةً غنيةً بتنوُّعها وتداخُلها، شعارُها بالإجماع “لبنان أولاً وأخيراً وبين بين”.