الحلقة 402: رسالة ثانية من قمة حرمون
(الثلثاء 6 أيلول 2005)
كان الوصول إلى هنا، إلى تلة المخيم حيث نحن، يعني على 2300 متر، يستغرق ست ساعات تصعيداً قاسياً في وعورة الجبل. لكنّ مبادرة بلدية راشيا الشجاعة، تعاوناً مع الجيش اللبناني، بشق الطريق 12 كلم في هذا الوعر القاسي بمدة قياسية من 45 يوماً، اختصرت وقت المسافة إلى عشرين دقيقة، تؤمّن لها بلدية راشيا سيارة خاصة تنقل الزوار من سهل راشيا إلى هنا، إلى تلة المخيم.
فوقنا بقليل: عين جرنايا. نصعّد إليها 600 متر حتى آخر الطريق المشقوق، فإذا نحن على 2380 متراً، وإذا هي أعلى عين ماء في الشرق الأوسط، وغريبٌ أن تنبع من الصخر على هذا العلو: 500 متر دون قمة حرمون.
وجرنايا كلمتان: جرن آيا، الجرن معروف و”آيا” كلمة بابلية تعني إله المياه والحكمة. ومن هنا كلمتا “راش آيا” (أي رأس آيا) ومع الزمن تحرّفت من راش آيا إلى راشيّا.
وعن رئيس بلدية راشيا زياد شبلي العريان أنّ في تصميم بلدية راشيا تزفيتَ هذه المسافة من 12 كلم، وتأهيلَها عن الجانبين بسور صغير يقي من التدهور ويطمئن الزوار المصعّدين بسياراتهم إلى تلة المخيم، وإقامةَ مخيم بيئي على التلة في الصيف المقبل 2006، وتأمينَ جهاز شرطة بيئية، وتأهيلَ المكان ببنية تحتية من ماء وكهرباء ومنتفعات وصرف صحي، وتأهيلَ عين جرنايا باستراحة لاستقبالها الزوار والسياح، ثم وصلَ تلة المخيّم بقمة حرمون على 2814 متراً بطريق للمشاة مؤهلٍ مسيجٍ مدرّجٍ كي يسهُلَ بلوغُ القمة رغم شدة انحداره، وتخصيصَ مليون متر مربّع في هذه البقعة باستثمارات سياحية في فنادقَ وواحاتٍ للتزلج والاصطياف والاستراحة بموجب عقود إيجار لـ99 سنة، وإقامةَ محميات طبيعية في هذه البقعة النادرة الفريدة، وتشجيرَ الجبل بأشجار تعيش على هذا العلو الشاهق جداً كي لا يبقى الجبل متصحراً بعدما تنهض هذه البقعة سياحياً.
طَموحٌ جداً هذا المشروع عند كتف حرمون، والنداء مطروح للدولة وكل من يساعد، كي تصبح هذه البقعة، كما تصمِّم بلديةُ راشيا، واحةً سياحيةً فريدةً لا في لبنان وحسب بل في كل منطقة الشرق الأوسط.
وماذا عنها بعد؟ بعض البقية غداً. فإلى حلقة الغد.