الحلقة 376: رأْس المتن بلدة الموزاييك في لبنان
(الاثنين 1 آب 2005)
ذات يوم كانت على كتف الشاطئ اللبناني عند منطقة البترون ضيعةٌ منسيةٌ اسمُها راشانا. جاء أبناؤُها ميشال وألفرد ويوسف بصبوص فَزَرَعوها إبداعاتٍ رائعةً من منحوتاتهم، وحوّلوها إلى متحفٍ فريد في الهواء الطلق، ولفتوا العالَم إليها فباتت راشانا اليوم مذكورةً في الموسوعات العالَمية والكتب الفنيّة وشهيرةً في العالَم بسمبوزيوم النحت فيها يقيمه كل صيف النحات اللبناني العالَمي ألفرد بصبوص.
وذات يوم كانت على خاصرة الجبل اللبناني عند منطقة المتن الأعلى بلدةٌ جميلةٌ تتزحلقُ على رؤوس الصنوبر اسمُها رأس المتن، وصفَها ابنُها أنيس فريْحة في كتابه “إسمع يا رضا” بأنها “من أجمل قرى الدنيا”.
هذه الـ”رأس المتن” تسنّى لها قبل سنواتٍ نشاطٌ مضاعَفٌ من “جمعيّة سيّدات رأس المتن” التي، عدا أنشطتها الخيرية والاجتماعية والصحية والبيئية والنسائية والتنموية، أسست قبل تسع سنوات “مهرجان الصنوبر” فحرّكت الدورة السياحية في المنطقة واستصدرت من وزارة السياحة قراراً بتصنيف رأس المتن “بلدة سياحة واصطياف”، وأسَّست قبل خمس سنوات سمبوزيوم “أيام رأس المتن للرسم والنحت” تستضيف له كل صيف كبار الفنانين التشكيليين من لبنان والعالَم.
أسوق هذا الكلام لِمناسبة احتفال “جمعية سيّدات رأس المتن” مساء أول أمس السبت باختتام سمبوزيوم الموزاييك وإنْجاز باقة جديدة من لوحات الموزاييك، لتصبح حصيلتُها العامة ستاً وثلاثين لوحة فسيفساء في ثلاثة سمبوزيومات سنوية، تعلّق بعضُها ويتعلّق الباقي قريباً في أنْحاء البلدة فتتكرّس رأس المتن نهائياً بلدة الموزاييك في لبنان، مثلما تكرّست راشانا بلدة النحت في لبنان.
وإذا أضفنا من السمبوزيومات السابقة للرسم والنحت، منذ سنة 2000، ستاً وعشرين منحوتة موزَّعة في أرجاء رأس المتن، و175 لوحة فنية في مركز “جمعية سيّدات رأس المتن” تنتظر إنشاء متحف الفنون التشكيلية في البلدة، تكون رأس المتن بلدةً نموذجية للموزاييك والفنون التشكيلية، حوّلتها “جمعية سيدات رأس المتن” ضوءاً فنياً بَهياً على خارطة لبنان الثقافية والسياحية، حبَّذا لو تقتدي بها الجمعيات المحلّيّة في لبنان كي تتحوَّل بلدات لبنان نُجوماً مشعشعةً على صدر لبنان الحضاري.