الحلقة 363: النداء الثامن إلى الرئيس السنيورة: متى يتسابقون على وزارة الثقافة؟
(الأربعاء 13 تَـمُّـوز 2005)
مشكورٌ ومقدَّرٌ صبرُ الرئيس السنيورة على ما يواجهه من عقبات ومصاعب ومحاصصات ومطالب ومطالب مضادة لتشكيل حكومته العتيدة، وما يعترضه من دَلَع وهَلَع ووَلَع في هذه الحقيبة أو تلك، إرضاءً لهذه الكتلة أو هاتيك الطائفة أو تلك الجهة السياسية، حتى بات تشكيلُ الحكومة أصعبَ من أي “بازل” يمكن أن يواجه رئيساً مكلَّفاً تشكيل الحكومة.
اللافت في هذا الشأن أنَّ الدائرة توسَّعت فتوسّعت معها العُقَد والمصاعب. وبعدما كان التجاذب انطلق من المطالبة بالوزارات “السيادية” الأربع (الداخلية، الخارجية، الدفاع، المالية) أخذ بعض المرشّحين والمعنيين وأقطاب الكتل يتوسّعون إلى أكثر، في أحاديثهم الصحافية والإعلامية، إلى وزارة العدل فوزارة الموارد المائية والكهربائية فوزارة البيئة. ولم أَسْمع تصريْحاً واحداً، في هذا الموزاييك المطالباتي، يذْكُر وزارة الثقافة في مطالبه وشروطه ومحاصصاته.
هذا يدلُّ على أحد أمرين: الأول، وهو المرَجَّح وشبه الأكيد، أن هذه الوزارة ثانوية جداً في نظر جهابذة السياسة ولا أهمية لها في المطالب الحقائبية، والأمر الآخَر، وهو الأضعف وشبه الأكيد، أن هذه الوزارة مهمة جداً لدرجة أن يتهيَّب المطالبةَ بها سياسيون يعرفون أنهم ليسوا على جهوزية توزير مَن يقود هذه الوزارة بما تتطلّبه من رؤية مستقبلية ورسالة حضارية ودور قيادي في تثقيف شعب كامل، كي يخرجَ الشعبُ من الذهنية القطعانية الاستسلامية الاستزلامية العشائرية المزرعجية التبعية لـ”بيت بوسياسة” إلى شعب مثقف راقٍ حضاري يفكر بوساعة المستقبل وليس متقوقعاً في زواريب الحاضر ومستنقعات سياسييه وتحالفاتهم المتغيرة ورمالهم المتحركة.
وحين يجيء يوم يأخذ فيه أقطابُ السياسةِ والكتلِ والتكتلاتِ والطوائفِ يتنافسون ويتسابقون على المطالبة بوزارة الثقافة كوزارة سيادية رئيسية يرشّحون لها مبدعين رؤيويين من لبنان، نكون وصلنا فعلاً إلى معيار قادةٍ يعرفون أن وزارة الثقافة في لبنان ليست فرق عملة، ولا تسكيرة عدد، ولا كمالة عدد تعطى إرضاءً لطائفة أو كتلة سياسية، بل يكونون وَعَوا أن وزارة الثقافة هي المنارةُ العالَمية الوحيدة في حكومة لبنان.