الحلقة 356: النداء الأول الى الرئيس السنيورة: الثقافة المقهورة يا دولة الرئيس السنيورة
(الاثنين 4 تَـمّـوز 2005)
دولة الرئيس فؤاد السنيورة، يغبطُنا معك أنك لا تأْتي من النادي السياسي ولا من الإرث السياسي ولا من البيت السياسي. فناديك العلْم والاحتراف الأكاديمي، وإرثُك صيدا بنتُ الحضارة الألفيَّة، وبيتُك موئلٌ زرعه الحاج عبدالباسط السنيورة عائلةَ استقامةٍ وَتُقَى.
ويغبطنا معك أنك جئت الحكْم قبل عشر سنوات من التقْنية العلمية، وبقيتَ على التقنية العلمية في هندسة مالية الدولة، وما زلت التكنوقراطي الذي يعوَّل عليه في عدم الشراهة السياسية، ولو انك وصلت بترشيح كتلة سياسية سمّتْكَ لرصيدك العلمي التقني ورفدتْكَ بِمخزون سياسي ما سعيتَ له يوماً ولا أنت تلهث وراءه لاكتساب شعبية.
ونعرف ألاّ نزيد التنظير عليك بعد جلساتِ استشاراتٍ نظَّر خلالها الكثيرون على مسمعك، وأشبعوك تنظيراً وأفكاراً وبرامجَ واقتراحاتٍ ومطالبَ حتى لتنتهي ضائعاً بينها لو لم تكنِ ابنَ الأرقامِ والحساباتِ وهندسةِ العقل.
ولكنّ ما نرغبه إليك اليوم، يا دولة الرئيس، وأنتَ تهندس تشكيلتك الحكومية، أن تلتفِتَ إلى وزارةٍ ليست “سيادية” بمنطق الزعماء، ولا وزارةَ خدمات بمنطق بيت بو سياسة الذين يلهفون إليها كي ينفعوا أزلامهم ومحاسيبهم ويجمعوا شعبية تنفحهم بحفنة أصوات في الانتخابات المقبلة.
إنها، يا دولة الرئيس، الوزارة التي كانت آخرُ حصة لها في موازنة الدولة الشوساء أقل من 2% (بالضبط: 1،19%)، والوزارة التي في أسفل السُلّم الوزاري تعطى لوزيرٍ تسكيرَ عددٍ أو جائزةَ ترضية لطائفته أو كتلته السياسية.
إنها، يا دولة الرئيس، وزارة الثقافة، هذه المقهورةُ التي يحسبونها علينا وزارة ثقافة، ولم تُعْط بعدُ هيكلية وزارة، ولا تعطى ميزانية وزارة، ولا تعطى وزيراً من أهل البيت، بيتِ الثقافة والإبداع في لبنان، وما أكثر مبدعيه الخلاقين، بل تعطى لوزير زيادةَ عدد على حقائبه أو لوزير كمالة عدد ثلاثيني، أو لوزير يحوّلها مقراً لحملته الانتخابية.
وأشدُّ ما في قهرها، هذه الوزارة المقهورة، أنها قادرة أن تكون وزارة سيادية إذا أعطيت وزيراً من أهل بيتها.
كيف تكون سيادية يا دولة الرئيس؟ نكمل الحديث غداً، فإلى حلقة الغد.