الحلقة 338: شبابُنا… بين الانتخابات والبحر
(الأربعاء 8 حزيران 2005)
المستمع الذي اتصل بي صباح السبت الماضي مطالباً إياي بأن أُخاطبَ الشباب وأحُثَّهم أن يُقبلوا على الانتخاب، ماذا أقول له؟ وبعد نتائج انتخابات الأحدين الماضيين، ماذا أقول له؟
سأخبره أن صديقاً لي شاعراً اتصل بي فور سماعه حلقتي أمس مؤكّداً على قولي “تيتي تيتي”، ومُخبراً إياي بأن بلدته الجبلية الراقية تضم على الأقل سبعمئة جامعي حاملين الليسانس والماجستر والدكتوراه، ومع ذلك يقول معظمهم: “نحن نمشي، كالعادة، كما يقول سيدْنا، وسنُنْزل في الصندوقة ليستة سيدْنا كما هي”.
شباب لبنان الذين صنعوا مَجد 14 آذار، فُجِعوا بالمحادل من جديد وبتخاذل نواب الوطن عن كسر طوق قانون الـ2000 المحادلي البوسطاتي، فأشاحوا عن الذهاب للانتخاب يومي الأحد، وفضّلوا الذهاب إلى البحر.
شباب لبنان الموعودون بالتغيير لَم يَجدوا أمامهم إلاّ واقعاً مراً قزماً أمام عملاق حلم 14 آذار، فأشاحوا قرفاً ويأساً وإحباطاً من لوائحَ معلّبةٍ مفروضةٍ عليهم، ومن قانونٍ ينتخب عنهم ولا يتيح لهم أن ينتخبوا، ومن حُجج للمحادليين عن انتصاراتهم بفضل وعي الشعب وإرادة الشعب، فيما انتصاراتهم قطعانية لا عَلاقة لها بوعي الناس وإرادتهم وخياراتهم وحريتهم في الاختيار. فأي خيارٍ في سلوك أيِّ طريقٍ يريدون، حين ليس أمامهم إلاّ طريق واحد؟
مشكلة انتخاباتنا، وهي استفتاءاتٌ معلّبة واقتراعاتٌ مفروضة أكثر مما هي انتخابات بمعنى الاختيار، أنها تقوم على تحالفات الأسبوع الأخير، وفرض هذه التحالفات على مُناصرين مفترضٌ سلفاً أنهم يمشون بها “عَ العمياني”.
يعني؟ أييأس شبابُنا؟ أبداً. أملنا في الوجوه الجديدة التي ستدخل المجلس النيابي، على قلّتها، أن تسعى إلى التغيير في المعادلات والقوانين، حتى يكون لنا في 2009 قانونٌ يَجعل الشعب ينتخب، يعني يَختار، يعني يفاضل، يعني يقارن، يعني أن يقولَ “نعم” لِمن يريد هو أن يكونوا، ويقولَ “لا” لِمن يعتبر أنهم باتوا من “الدينوصورات”.