الحلقة 275: لبنانية لبنان في أدب أنطون قازان
(الجمعة 11 آذار 2005)
في مثل هذا اليوم، 11 آذار، قبل اثنين وثلاثين عاماً، كنا في زوق مكايل نودّعه الوداع الأخير. كان قلبُهُ سكت في العاشر من آذار.
أنطون قازان، سيّد الكلمة الأنيقة، تَعلّمنا عليه كذلك، لبنانَ الأنيق، لبنانَ النقيّ، القويّ، السخيّ، البهيّ، لبنان اللبناني.
تعلّمنا عليه من قوله سنة 1959: “يوم أشرق لبنان زاحت الظلمة، وبدأ العراكُ الأول في الكون، بين مدنيةٍ تريد أن تكون، وبين جهل يريد أن يبقى”.
وتعلمنا علي من قوله في الإمام الأوزاعي سنة 1962: “برز الإمام اللبناني العظيم عبدالرحمن الاوزاعي يهبُّ لنصرة النصارى الثائرين على الظلم، فيغدو مثالاً رائعاً للأُخوّة الجامعة ورائداً عبقرياً من روّاد القومية اللبنانية على مر التاريخ”.
وتعلّمنا عليه من قوله سنة 1970: “ما أروعَه، هذا الوطنَ العظيم بمناخ الحرية، متكاملاً في وَحدة بنيه، مسانداً جيشه، كي تتعاطف فيه القوة والحرية في سبيل إعلائه”.
وتعلّمنا عليه من قوله سنة 1972: “قضيةُ لبنان الكبرى طليعةُ هُمومنا. وهي قضيةُ مصير وكيان. فلنؤكّد أنّ لبنان بأسره جنوب، ساعة تُمَسّ ترابة واحدة من جنوبه”.
وتعلمنا عليه من قوله في صور:
أكاملةَ الجمال دُعِيتِ صوراً ليُخذَلَ دون صخرتِكِ الغزاةُ
ويا أُمّ المدائن مَن يولّى على الدنيا وأَهلُوكِ الوُلاةُ
وتعلّمنا عليه من قوله في صيدا:
أصيدون الحضارة كل فتح تسابيح على الدنيا وَعِيدُ
حكاياتُ الزمان لها انتهاءٌ وأنت على المدى خبرٌ جديدُ
وتعلمنا عليه من قوله في شعب لبنان:
عتاقٌ في الكرام فكل زادٍ إذا مُدّت موائدهم فتاتُ
لهم جبل الى النسرين حتى كأنّ الطير، إن هُمَّت، مشاةُ
ويا بدء الزمان سُبِقْتَ عهداً فقبلَك شاد لبنان البُناةُ
في ذكراه اليوم، نقف خشوعاً أمام كلماته. وفيما لبنان يتهيَّأُ لفجر جديدٍ من الحرية والاستقلال، نفتح كتاب أنطون قازان، نتعلّمُ منه لبنان اللبناني، ونقرأُ في سطوره لبنانَ المنفتح على محيطه، وهي هذه لبنانية لبنان التي نتعلّمها من الكبير الغائب الحاضر في ضميرنا اللبناني: أنطون قازان.