الحلقة 248: هل الميكانيك على ناس وناس؟
(الأربعاء 26 كانون الثاني 2005)
سمعنا الكثير من الشكاوى عن تجاوزاتٍ تحصل في محطات معاينة السيارات قبل ذهابها الى دائرة الميكانيك. وشككنا أن تكون هذه الشكاوى جميعُها صادقة، وخَوَّنّا بعض المواطنين وادّعينا أنهم يبالغون في حجم المخالفات ولا يَصْدُقون حين يُخبروننا بأن بعض المسؤولين في بعض تلك المحطات يرتشون فيمرّرون السيارات من دون معاينتها، أو يغضون النظر عن أعطالٍ تشكل خطراً على السيارة وركابها والناس خارجها، أو يعرفون بأن بعض السائقين يخالفون فيركّبون دواليبَ مستعارةً لتمرير السيارة على المعاينة ثم يعيدون دواليبهم القديمة البالية بعد مرور السيارة على المعاينة،… الى أخبارٍ ومعايناتٍ أخرى كنا نغضي عن بعضها ونصدّق بعضها الآخر.
ولكن… إذا كنا لا نريد أن نصدّقَ كل ما يُقال، فكيف لا نصدّق ما نرى؟
شو يعني، بعد مرورٍ أكثرِ من عامٍ على إنشاء تلك المعاينات الإلزامية، يعني لم تَعد سيارة في لبنان إلاّ مرّت على المعاينة، شو يعني أن نرى بعدُ سياراتٍ على طرقاتنا، تقتل مَن وراءَها بدخانها الأسود، أو تقرّف من يراها بشكلها المهترئ حديداً وهيكلاً مفسّخاً صدئاً مكسَّراً، أو تخيف بعدم اتزان دواليبها أو بفكفكة بعض أجزائها أو بالسموم تنفثها من عادمِها الذي لم يعُد عادمَها بل صار يُعدم الآخرين بمازوته أو حريق بنْزينه أو موت الدخان الممزوج زيتاً محروقاً لاهتراء محرك السيارة؟
ما نفع المعاينة الميكانيكية إذا كانت على ناس وناس، في بلدٍ بات يهُجُّ منه الناس لقلة مسؤولية المسؤولين؟ وكيف نفسّر لمن رسبت سيارتهم في امتحان المعاينة، أن تسير أمامهم سيارة لا تصلح حتى للكسر والأنقاض؟
ماذا نقول لمواطنين يعانون من تشدد خبراء المعاينة وتقاريرِهم الارتجالية الاستنسابية الغريبة العجيبة في رفض بعض السيارات، حين تسير على الطرقات سياراتٌ تشكل خطراً على السير والسيارات والسائرين وعلى بيئةٍ يتنطّح المسؤولون في التحدث عنها وهم آخر همّهم أن يعملوا لها؟
بعضٌ الضرر على السياحة عندنا، منظر هذه السيارات المقرفة على طرقاتنا.
فلْتُلغَ هذه المعاينة الميكانيكية الهزيلة، أو فليسْرِ التشدُّد على الجميع، لا على… ناس وناس.