245: الفوضى في لبنان ليست خصيصة بل نقيصة وتخلف

الحلقة 245: الفوضى في لبنان ليست خصيصة بل نقيصةٌ وتَخلُّف
(الْجمعة 21 كانون الثاني 2005)

بعد حلقة أمس الخميس حول غياب الأسماء والأرقام عن الشوارع والبيوت في لبنان، وصلتني رسالة إلكترونية من مواطنة لبنانية تعيش في فرنسا منذ زمن بعيد، تُثني على ما ورد في الحلقة وتتساءل: “هل صحيحٌ بأنّ في لبنان، بعد، مَن يعتبر هذه الفوضى خصيصةً يتمتّع بها لبنان”؟
فيا مواطنتي العزيزة، شُكراً على ما قلتِه عن هذا البرنامج وعن حلقة الأمس بالذات، وتأَكّدي أنّ الذين يرون في هذه الفوضى “خصيصة”، أو “شارم” كما سميتِها في رسالتك بالفرنسية، هم أقليَّةٌ جاهلةٌ، هي نفسُها فوضوية، وهي التي تنشر هذه الخصيصة، وتُلَبْنِنُ الفوضى التي باتت لدى البعض تباهياً بأنْ “هذا هو لبنان” و”هكذا لبنان” و”كل عمره لبنان يعيش بهذه الفوضى” و…”ماشي الحال”.
لا، أبداً، لا هذا هو لبنان، ولا هكذا لبنان، ولا ماشي الحال. وإذا كان لبنان كل عمره يعيش بهذه الفوضى، فلا يعني هذا أن يكمل بهذه المعليشية البشعة المتحججة بعبارة “ماشي الحال”.
هذه الفوضى ليست خصيصةً بل نقيصة، وليست تآلفاً بل تَخَلُّفٌ يرفض المتنورون اللبنانيون أن يبقى طابعَ لبنانهم بحجة الحفاظ على “الشارم” أو الطابَع اللبناني. ألاَ بئس هذا “الشارم” وبئس هذا الطابَع. إننا نريد بلَدنا نموذج الانضباط والتمدُّن والتحضُّر والتطوُّر والتـنَوُّر، فيأتيه السيّاح ولا يَجدونه متخلّفاً، ويأتيه اللبنانيون المهاجرون فلا يَجدونه على فوضاه القديمة، وينشأُ فيه جيل جديدٌ ليس على صورة الجيل الحاضر والسابق من الفوضويين التقليديين ولا من “بيت بو سياسه” المقاطعْجيين المتعيّشين على فوضاه الحالية بعقلية المزرعة والْمَونة والزبائنية والمعليشية.
هذا هو لبنان الغد الذي نسعى إليه، في كتاباتنا وكتُبنا ودراساتنا، ومقالاتنا الصحافية وبرامجنا الإذاعية والتلفزيونية، كي يكونَ لبنانُ أولادِنا غيرَ لبنان الفوضى والمعليشية والتخلُّف.
وهذه، يا عزيزتي المواطنة اللبنانية في فرنسا، هي “الخصيصة” التي ستعودين الى لبنان، عندما تعودين، فتجدين وطنَك ذا خصيصة سامية قادرة، تعتزّين بها… ولا تَخجَلين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*