الحلقة 162: انطباعات من برشلونة (الْجزء السابع):
من معبد العائلة الْمقدسة الى معابد أرضنا الْمقدّسة
(الثلثاء 28 أيلول 2004)
… وفي برشلونه أيضاً، نَصَحُونا بألاّ نغادر قبل زيارة رائعة غاودي الْمعمارية: “معبد العائلة الْمقدّسة”، وإلاّ نكون كمن عرف روما ولم يرَ روائع الفاتيكان.
وبالفعل، أمام هيبة البناء، لفَّنا الذهول لهذه الروعة الْمعمارية التي بدأَها الْمهندس أنطوني غاودي عام 1882 وسكن في غرفة متقشفةٍ منها أربعين سنةً متواصلةً الى أن خطفه الْموت سنة 1926، ولَم يُنْجِزْ منها سوى قسم ضئيل، ولا تزال ورشةُ البناء قائمةً فيها حتى اليوم وفق مخططات العبقري غاودي وخرائطه وتصاميمه ودراساته التي وضعها برؤْيةٍ طليعيةٍ مستقبليةٍ مبنيةٍ على الأشكال الْجيومترية الطبيعية. واليوم، بعد مرور 122 سنة على انطلاق بنائها، لَم يُنْجَز منها بعدُ سوى ثَماني قُبَب أجراس تعلو واحدَتُها حتى 100 متر، وهي من أصل اثنتي عشْرةَ على أسماء الرسل الاثنين عشَر.
وتتبقّى أيضاً، للبناء، أربعة أبراجٍ هائلةِ العلُوّ للواجهات الأربع: واجهة القيامة، برج يسوع الْمسيح من 170 متراً، برج السيدة العذراء 125 متراً، وبرج الإنجيليين الأربعة.
ومنذ انطلاق هذه التحفة الْمعمارية قبل 122 سنة، لا تزال تُبنى، وئيداً إنما بِجمال، من ريع بطاقات الدخول إليها والى متحفها الرائع، ومن تبرعات مؤمنين ينذهلون لروعة الفن الْمعماري الْمدهش في هذه التحفة النادرة بين مثيلاتها في العالَم.
122 سنةً فقط، وتستقطب الْملايين كلَّ عام.
فهل نسوِّق نَحن معالِمَنا الدينية العريقة، والْحديثُ بينها يعود الى قرونٍ وقرون؟ وهل من نيةٍ لتطوير سياحتنا الى سِياحةٍ دينيةٍ تستقطب الآلافَ الى لبنان الروحي الْمضمَّخَةِ أرضُه برائحة القداسة؟
و… الى اللقاء غداً في انطباعٍ أخيرٍ من هنا، من برشلونة… إليكم بيروت.