الحلقة 146: درسٌ من عرس علي ابن الحسين للأسهم النارية
في ليل كل عروسين
(الإثنين 6 أيلول 2004)
ليته كان لنا أن نبارك شخصياً للأمير عليّ ابنِ الحسين، إذاً لفعلنا مرتين: أُولى على زواجه من زميلتنا الإعلامية السابقة ريم ابنة الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، والمرةَ الأُخرى على بادرته النبيلة بالإشاحة عن إقامة استقبال ملكي فخم تَحوّلت أموالُهُ مساعداتٍ ماليةً وعينيَّةً وغذائيةً للأُسَر الأُردنية المحتاجة في جميع أنْحاء المملكة. وبأمر الملك عبدالله الثاني أخذ الديوانُ الملكيُّ الهاشميُّ يرسل إلى المحافظات والبادية والمخيمات مساعداتٍ لآلاف الأُسر الأردنية تكفي الحاجاتِ الغذائيةَ لكلِّ أُسرة طوال ستة أَشهر.
هذا في عمّان. أما في لبنان فلم يعُد لائقاً بأَي عرسٍ من أعراس الخواجات إلاّ إذا انتهى بِمُفرقعات الأسهم النارية على نواصي الفنادق الفخمة والمطاعم الفخمة والكازينوات الفخمة.
ومتى؟ في سُكون ما بعدَ منتصف الليل، كي يكونَ لأصوات الأسهم النارية صوتٌ أقوى، ويبتهجَ العروسان وتبتهجَ الحماتان وتعلو إلى الفضاء العيون والأبدان، وناموا يا أطفال الحي، وناموا يا أهل المنطقة، وناموا يا مرضى المستشفيات المجاورة، وناموا يا رجال الأمن، فالإزعاج مسموح، ومسموحٌ إيقاظ الناس بعد منتصف الليل مذعورين، والدولة نائمةٌ ملءَ جفونِها عن شوارد المخالفات وليس من يسأل وليس من يُحاسب، وليس أمام المواطنين إلا برنامج “شكاوى الناس من صوت لبنان” ليفشُّوا خلْقهم مدركين أنْ ليس من يسمع بمخالفات أسهمٍ نارية أخجل أن أخبِرَكُم كم يكلّف السهم الواحد منها، فكيف بعشرات تفرقع ألوفَ الدولارات في الهواء بعد منتصف الليل توقظ الناسَ مذعورين، فيسبُّون ويلعنون العريس والعروس، والحاضرين، والدولة التي لا تضبط أمن النائمين.
فالمبروك للأمير النبيل عليِّ ابنِ الحسين والأميرةِ ريم على إلغاء الاستقبال وتَحويل أمواله إلى العائلات المحتاجة، ويا حيفَ الذين لا نطلب منهم أن يُلغوا حفلات استقبالهم ولا أن يُحوّلوا أموالها إلى أحد، وإنما على الأقل، فقط على الأقل، ألاّ يوقظوا الناس بعد منتصف الليل مذعورين يلعنونهم بأقبح شتائم القواميس.