الحلقة 125: فلنتعلّم من قبرص كيف نتعامل مع حبل الغسيل
(الجمعة 6 آب 2004)
عن وكالة “رويترز” أنّ رئيس بلدية نيقوسيا أصدر قراراً يَمنع السكان من نشر غسيلهم على الشرفات، في خطة لتجميل الْمدينة وعدم تسبُّب الأذى لعيون السياح.
الأهم من صدور هذا القرار الْحضاري عن قبرص الْحريصة على السياحة موردِها الاقتصادي الأكبر، أنّ قراراً بلدياً معاكساً سبقه عندنا في بلدية زوق مكايل. ففيما قرارُ رئيس بلدية نيقوسيا غرّم الْمخالفين بنحو 100 دولار، قرارُ رئيس بلدية زوق مكايل الْمحامي نُهاد نوفل أعفى من نصف الرسم البلدي كلَّ من يزيِّن بالزهر نوافذَ بيته وشرفاتِه، تشجيعاً لتحويل زوق مكايل ذاتَ شبابيكَ وشرفاتٍ مزهِّرة.
وإذا رئيس بلدية نيقوسيا علّل قراره بألاّ يؤذي عيون السياح، وألاّ تتساقط عليهم قطرات ماء من ملابسَ داخلية منشورةٍ فوقهم وهُم يسيرون في شوارع الْمدينة، فرئيس بلدية زوق مكايل علّل قراره بأنّ دور البلدية لا يقتصر على تزهير الساحات العامة ونواصي الطرقات ومُحيط البيوت، بل على الأهالي أن يشاركوها في تزهير بلدتهم بعدم الاقتصار على الزهر داخل بيوتهم وحسب، بل بتزهير شبابيكها وشرفاتها كي يتوهَّجَ الْجمالُ داخل البيت وخارج البيت وحول البيت وفي البلدة كلّها شوارعَ وساحاتٍ عامةً ومستديراتٍ وحدائق، وهذا أحد الدوافع لنيل زوق مكايل جائزةَ الأونسكو قبل عامين على مظهرها الْحضاري وتطلُّعاتِها الْمدينية الْجمالية الراقية.
رؤساء البلديات وأعضاؤها الْمُنتخَبون، الذين تُجُمِّعوا في “البيال” قبل أيام، فلْيُسارعوا الى التشبُّه برئيس بلدية نيقوسيا وبزميلهم اللبناني نهاد نوفل، لأن نشر الغسيل على الشرفة مؤذٍ للعين، مع احترامنا لِما يَحمله أحياناً من مشاهدَ تشجّع الْخيال، وليتّعظوا بأن دورهم البلدي ليس تنظيفَ زبائلِ الناس، بل تشجيعُهم على جعل بيوتهم، داخلِها وخارجِها، زنبقةَ جمالٍ تدُلُّ على حضارة الشعب الذي يستحقُّ وطناً كان له ذات يومٍ أن يعلّم العالَم الحضارة.