الحلقة 111: بَطَرُ الْخلَوي وشرشحة الـ”نيويورك تايْمز”
(الاثنين 19 تموز 2004)
هل كانت ضروريةً هذه الشرشحة من جريدة كبرى كالـ”نيويورك تايْمز” حول ما يرسمه الْخلوي من بطر في حياة اللبنانيين؟
وهل ضروريٌّ أن يعرف العالم عن لبنانَ الْمديونِ بنيّفٍ وثلاثينَ مليار دولار، ويقرأَ في الـ”نيويورك تايْمز” عن 800 ألف رقم خَلَوي توازي بحسب سكان لبنان نسبة 24،7% منهم، أي ربع لبنان يستخدم الْخلوي؟
وهل سخريةٌ أكثر من أن يضع صحافيُّ الـ”نيويورك تايْمز” في بيروت نيل ماك فاركر عنواناً لمقاله “الْخلوي أصبح أُسلوب حياة للأثرياء في لبنان”، وأن يذكر في مقاله أنّ “لبنانَ بلدٌ يُدْمن الْخلَوي”، وأن يقول بكل قسوة: “إذا كنتَ في عاصمةٍ عربية وسمعتَ في مطعم أو في المطار شخصاً يحمل خلوياً ويتحدث بصوت مرتفع حتى إزعاجِ من حوله، فاعرف أنه لبناني”، وأن يُردفَ هذا الصحافي بازدراء: “اللبناني لا يتردَّد من أن يَرُدّ على هاتفه الْخلوي في صالة السينما أو حتى في الْجناز أو القداس أو أماكن العبادة والصلاة”؟
ولا يضير أن يكون صحافي الـ”نيويورك تايْمز” أكّد على أن “كل 500 دقيقة خلوي تكلّف في لبنان 121 دولاراً بينما الْخمسمئة دقيقة نفسُها تكلّف في الأردن 66 دولاراً، وفي سوريا 55 دولاراً، وفي مصر 42 دولاراً.
لا ضير في ذلك كي يعرف العالم كم أن دولتنا ضدَّ مواطنيها، تَجلُد مئتين بالمئة كلفة الْخلوي عن الدول الْمُحيطة، وإن يكن مواطنوها بدورهم مَخروعين بهذا الْجَلْد، لا يقاطعها منهم سوى 30 أو أربعين بالْمئة، فيما ستون بالْمئة لا يقاطعون وبالْمقابل لا يقطعون تذمُّرهم من جلْد الدولة، ولا ينزعجون بالامتناع يوماً واحداً عن التشاوف باستعمال الْخلوي كل دقيقة وبين الدقيقة والدقيقة.
وبين بَطَر معظم اللبنانيين في استخدام الْخلوي وبَطَرهم في النقّ على فاتورة الْخلوي وبطرهم في عدم تَجاوبهم مع الْمقاطعة، يَجد صحافيٌّ كمُحرر الـ”نيويورك تايْمز” فرصةً لشرشحة هذا الشعب الذي ينْزِفُ دمه من كثرة التشاوُف والعرضحال، ويظنُّ أن هذا الدمَ لا ينْزف منه من الْمبرد.