الحلقة 107: العلامات الْجامعية… تأشيرة خروج من الوطن
(الثلثاء 13 تَمُّوز 2004)
قبل عشر سنواتٍ كنتُ أحضر احتفال تَخرُّج ابني الوحيد في جامعة وسط فلوريدا، حتى إذا طارت القبعات في الْهواء، وعانقتُ ابني مهنئاً، وكنا نتوجه الى مدخل الْجامعة للمغادرة، لفتني وقوف سيارتَي ليموزين فخمتين على الْمدخل. سألت ابني: “أهُنا كذلك، كما عندنا، مظاهر التشاوف لأهل الْمتخرجين؟”فابتسم ابني وأجاب بهدوء: “كلا يا أبي. هذا ليس منظر تشاوُف. هاتان واحدة لشركة جنرال إلكتريك، والأخرى لشركة إريكسون، ستُقلان الأولَين في اختصاصهما هذه الدورة، لأنهما تلقَّفتاهُما سلفاً بعدما راجعتا علاماتِهما الْمرتفعة، وسيبدآن العمل غداً صباحاً”.
طبعاً عندنا لن يذوق أحد حلاوة هذه النعمة، أن تتلقّف الدولة الطلاب الْمتفوّقين بناء على علاماتهم، ولا حتى الْمؤسسات الْخاصة، لأن التلقُّف عندنا خاضع لبطاقات التوصية من نافذين أو سياسيين فتكون الأولوية للعشائرية والْمزارعية والقبائلية والزبائنية، لا للكفاءة والعلامات الْجامعية.
إزاء هذا الوضع الْمحسوباتي، وإزاء غياب الْمسح الرسمي والإحصاء الْحكومي لِمعرفة الاختصاصات التي تحتاجها الدولة أو تحتاجها الْمؤسسات، سيظل طلابنا يتخرجون، والى أبواب السفارات يتوجهون، حاملين علاماتٍ جامعيةً هي في الْخارج تأشيرة دخولهم، بينما هي في وطنهم تأشيرة خروج من عشائرية الوطن.