الحلقة 103: وقاحة المطاعم في آخر الليل
(الأربعاء 7 تَموز 2004)
لا يكتفون بأن يجعلوا مطاعمهم مشحرةًَ للدخان يلوّث به المدخنون صحون المطعم وجوّ المطعم وخارج المطعم وبيئة المطعم،
ولا يكتفون بأن يحوّلوا مطاعمهم مصدراً لروائح اللحم المشوي والفراريج المشوية وزفرة الطعام ورائحة الشاورم، تتصاعد جميعُها إلى الطوابق العليا حين المطعم في الطابق الأرضي، أو في محيط المطعم حين هو منفرد،
ولا يكتفون بأن يجلدوا جميع الساهرين بقرقعةِ أصوات الموسيقى والغناء الشعبيّ الراقص يمنع الساهرين من التحدّث مع بعضهم البعض حتّى يصبح الغناء جَعيراً والموسيقى قرقعةً فيهُجَّ الساهرون ويلعنوا ساعة دخلوا المطعم،
كُلُّ هذا لا يكفيهم، بل يطوّرون وقاحتَهُم وإزعاجهم إلى مساحةٍ أكثر طموحاً ليوزّعوا جعيرَ الأغاني وقرقعة الموسيقى على الحيّ كُلِّه حتّى منتصف الليل، وغالباً بعد منتصف الليل، فيمنعوا الجيران والسكّان والمصطافين والسيّاح من النوم الهانئ والسهر الرغيد والسَّمر الحالم، لأنَّ وقاحة أصحاب المطاعم أو المسؤولين عنها لا يردعها رادع ولا يتهيّبون مسؤولاً في الشرطة أو البلدية أو رجال الأمن أو أو شرطة الأخلاق.
ألا يكفي التسَيُّب الفوضوي الحاصل في إعطاء الرخص للمطاعم في أحياءَ سكنية أصبح بعضُها تجمُّعاً مطاعمياًَ في كُلِّ بناية وبين كلِّ بناية وبناية، حتّى باتت تضيق شوارع الأحياء بسيّارات روّاد المطاعم ويُضطرّ سكّان الحيّ إلى إيقاف سيّاراتِهم بعيداً عن بيوتهم، ألا تكفي هذه الفوضى حتّى يزيد فوقها أصحاب المطاعم إزعاج سكّان الأحياء السكنية بعد منتصف الليل بالغناء والموسيقى فيحرموا السكّان من النوم والسهر؟
إذا كان هذا دليلَ سياحة مزدهرة، فبئس هذه السياحة التي علامتها “وقاحةُ المطاعم في آخر الليل”.
وليتعلّم هؤلاء من المدن الراقية كيفَ حزمُ الدولة والشرطة والبلدية يمنع أصحاب المطاعم من إزعاج الناس متراً واحداً خارج باب المطعم وإلاّ أُقفِلَ هذا المطعم بالشمع الأحمر.
فمتى عندنا يصلُ حزم الدولة إلى الشمع الأحمر؟