الحلقة 51: دمعة شارل مالك على أرز لبنان
(الاثنين 26 نيسان 2004)
بعد حلقة سابقة من “نقطة على الْحرف”، قبل أسابيع، عن ردّ الكبير يوسف السودا على سفير بريطانيا العظمى حول أمبراطورية لبنان التي لا تغيب عنها الشمس، روى لي زميلنا الصحافي الكبير الأستاذ جورج عارج سعادة، صاحب جريدة “الْحديث” الاغترابية الكبرى، قصة اغترابية مشرّفةً عن كبير لبناني آخر كيوسف السودا، هو الدكتور شارل مالك.
الزمان: منتصف الثمانينات، الْمدينة: سانتييغو التشيلي، الْمكان: حديقة الْجمهورية اللبنانية. الْمناسبة افتتاحُ مؤتَمرٍ عالَمي للمغتربين اللبنانيين، لدعم القضية اللبنانية.
وكان في الْحضور أربعة سفراء للبنان: شارل مالك، إدمون خياط، إدوار غُرّة، ويونس رزق. والْحضور غفير من الْمغتربين اللبنانيين توافدوا من عواصم الاغتراب ومُدُنه لِحضور هذا الْمؤتمر الاغترابي الكبير.
كان الاحتفال برعاية الرئيس التشيلي بينوشيه الذي انتدب ممثلاً عنه للحضور. غير أن الرئيس، بما كان يكن لشارل مالك من تقدير، غيّر رأيه في اليوم الأخير وقرر حضور الافتتاح شخصياً.
وعند لحظة رفْع العلم، طلب الرئيس التشيلي من شارل مالك أن يمد يده أيضاً فيرفعا العلم معاً. غير أن شارل مالك، بنبله الْمعهود، قال: “لا يا سيدي الرئيس، بوجودك هنا لا يدَ أخرى تمتد معك. شرف لنا أن ترفع أنت علم لبنان في حديقة لبنان”.
وفيما كان الرئيس التشيلي بينوشيه يرفع العلم، التفت حدّه فلمح شارل مالك يدمع تأَثُّراً. وبعدما ارتفع علم لبنان قال الرئيس التشيلي لشارل مالك: “كأنني لمحتُ دمعةً في عينيك”، فأجاب الكبير شارل مالك: “بل هما دمعتان يا سيدي الرئيس: الأولى دمعة فرح شكراً ليدك التي رفعت علم الأرز، والأُخرى دمعة قهر على من يُحرق العلم في وطن الأرز”.
كان ذلك في منتصف الثمانينات، ولا يزال بيننا اليوم يوضاسيون يوغلون، بشكل أو بآخر، في إحراق علم الأرز، إن لم يكن فعلياً، فبالْمواقف التي لا تُشَرّف مطلقاً ديمومة لبنان اللبناني.
شكراً للزميل الكبير جورج عارج سعادة على روايته هذه القصة. وأتمنى من الأصدقاء والْمستمعين أن يَمدّوني دائماً بهذه الروايات التي يتوهّج فيها دائماً أعلامٌ مباركون من كبارنا الرواد في لبنان.