الحلقة 44: … ويوم يعتز الرئيس بتراث بلاده الأدبي
(الْخميس 15 نيسان 2004)
رويتُ أمس قصةَ الْجنرال ديغول وحرصَه على فتح اللوفر لضيفه الرئيس الأميركي آيزنهاور، لاعتزاز ديغول بتراث فرنسا الفني.
وهذه اليوم قصةٌ أخرى عن ديغول العظيم، واعتزازه بتراث فرنسا الأدبي.
الاحتفال: تدشين مبنى للدولة بِحضور رئيس الْجمهورية وكبار الرسميين والسفراء الأجانب. أزِفَ موعد وصول الْجنرال، فتأَهَّب الْجميع، وكان في حركات مدير البروتوكول بعض ارتباك. فثمة أمرٌ خطير سيُثير غضب الرئيس.
وبعد وصول الْموكب، وجلوس الْجنرال في مقعده الْمتقدِّم، تقدَّم منه مدير البروتوكول، وقال له مرتجفاً: “سيّدي الرئيس، نعتذر عن غلطة فاضحة حصلَت، ونعِد أن نصحِّحَها فور انتهاء الاحتفال”.
التفت ديغول العظيم الى مدير تشريفاته بنظرةٍ استفهامية ولا كلام، ففهم الْموظف وأردف: “سيّدي الرئيس، أترى هذين البيتين من الشعر فوق مدخل الْمبنى؟ تلاحظُ أن الْحفّار لَم يكتب تحتهما اسم الشاعر، لكننا نعِد أن نصحِّح هذا الْخطأ مباشرةً…” قاطعه الْجنرال بِحركةٍ من يده، فارتبك الْموظف. وقال الْجنرال: “هذه ليست غلطة. أنا أوعزتُ الى الوزير بعدم حفر اسم الشاعر تحت البيتين. فالْمواطن الذي لا يعرف أنّ هذين البيتين هما لفيكتور هوغو، لا يستاهل أن يكون فرنسياً”.
مرةً أُخرى، مثل صباح أمس نتساءل أيضاً وأيضاً: هل عرف لبنان، في الْحُكْم، مسؤولاً تعامل، بهذا الاعتزاز، مع أديبٍ أو شاعرٍ من لبنان؟