524: رئيس يعيد السنونو إلى لبنان

رئيس يعيد السنونو الى لبنان
السبت 1 كانون الأول 2007
– 524 –
كأنما قدَرُه، هذا اللبنانُ المعذَّب، المصلوبُ شعبُهُ على ضمائر سياسييه، أن يترنّح بين الخطر والخطر، بين المأْساة والفاجعة، بين استقطاب الدول الكبرى إليه وانتظار معظم سياسييه “ريموت كونترول” سفراء الدول الكبرى، وكل ذلك من أجل انتخاب رئيس للجمهورية يباهي طابخوه أن يكون “من صنع لبنان”، كأنما من عبقرية صانعي الرؤساء أو من أفضالهم علينا أن يكون الرئيس “من صنع لبنان”، تماماً كما يتشدّق البعض بعبارة “لبنان وطن نهائي للبنانيين” كأنما كان قبلذاك وطناً مؤقتاً أو فندقاً أو “شاليه على البحر” أو “موتيل شقق مفروشة” ثم انتفضت الكرامة في يأْفوخ المسؤولين فجعلوا لبنان وطناً نهائياً للبنانيين.
بين أن نكون ابتلينا بخيارين: جمهورية بلا رئيس أو رئيس بلا جمهورية، نعاين هذه الأيام مرارة الـ”جمهورية بلا رئيس”، وهي ليست قاتلة (حتى اليوم)، طالما أن الأمور لا تزال تسير بشكل أو بآخر، لكن الأقتل أن يجيء يوم نعاين فيه رئيساً بلا جمهورية. فالجمهورية بلا رئيس تسير في انتظار بلوغها الرئيس، لكن الرئيس بلا جمهورية لن يسير الى أيّ مكان، طالما أنه سيكون حاكماً على “البيوت الفارغة وخيالات الشجر” ولن يَجد الشعبَ الذي من أجله يكون الرئيس.
فهل هذا ما يسعى إليه الأنانيون الشخصيون الشخصانيون الذين أوصلوا لبنان (الدولة) الى هذه النهاية؟ هل هذا ما يطمح إليه الذين لا يتنازلون عن الـ”أنا” التي ظلّت تنخر سادِيَّتهم حتى أوصلوا السفينة الى أن تغرق بنا وبهم، والسقف الى أن يهبط عليهم وعلينا؟ وهل يعقلون أن واحدهم، إذا طالت الأزمة وبلغ بعبدا، لن يحكم إلاّ قصر بعبدا على جمهورية بلا شعب؟
وما قيمة جمهورية لا شعب فيها؟ ما قيمة جمهورية غير موجودة؟ ما قيمة جمهورية هجر منها طيور السنونو؟
الرئيس العتيد الذي ينتظره اللبنانيون، أُولى مهماته أن يعيد السنونو الى لبنان، رفوف السنونو التي هجرت وهاجرت وتَهجّرت بعيداً بعيداً، بسبب السياسيين الذين يتشاتمون ويتناطحون ويتناحرون ويتصلّبون في مواقفهم الفردية والشخصية والشخصانية. وما قيمة وطن هاجرت من سمائه رفوف السنونو كي لا تعود؟
أبناء لبنان الذين أصبحوا خارج لبنان، مش صحيح أنهم ينتظرون عودة الهدوء كي يعودوا كأسراب السنونو. مش صحيح أبداً. هم ابتعدوا هاجرين، مهاجرين، مهجَّرين، لسبب واحد وحيد: موقف السياسيين في لبنان. فالسياسيون في لبنان هم المسؤولون عن الانهيار السياسي والانهيار الاقتصادي والانهيار المالي والانهيار الأمني، وكيف يمكن لأسراب السنونو ألاّ تهجر هذا الوطن الذي، بسبب غرغرات سياسييه السامة، بات وطن الانهيارات المتتالية بلا قعر ولا قرار؟
راحوا. وكيف يعودون؟ ولماذا يعودون؟ ومتى يعودون؟
يعودون متى ظهر رئيس جمهورية يعيد لهم وإليهم الثقة بالدولة. ومن يكون هذا الرئيس؟ ومن هو هذا الرئيس؟
إنه رئيس يكون مديناً لمسلكه وسلوكه ومساره الوطني، وليس مديناً لهذا الفريق أو ذاك من “بيت بو سياسة”.
رئيس لا يكون عصَبيّاً ولا عصِيباً ولا عُصابياً بل متعصّباً لـ”لبنان اللبناني” غير المتقوقع إنما المستقل القرار، وغير المعزول عن محيطه وجواره وإقليميته بل المادّ يده الى التعاون المتكافئ المتعادل في احترام كيان الآخرين المحترمين كيانَه.
رئيس لا يكون متوتراً ولا موتوراً، بل وتير حكمة تعيد أحبابنا الذين هاجروا كالسنونو، فيعودون كالسنونو الى سماء وطنهم يُسهمون بإعادة نهضته، كما اليوم – في حيثما هم – يُسهمون بنهضة الدول التي يعملون فيها.
رئيس يعيد السنونو الى لبنان، كي يعود الى شرايين لبنان دمُ الربيع.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*