السبت 25 حزيران 2005
-413-
بعد مرور أربعة أسابيع على “فَوشة” الانتخابات النيابية وامتلاء الحيطان والجسور وأعمدة الكهرباء والهاتف ونواصي الطرقات والمفارق والزواريب والمنعطفات والساحات والمستديرات والتقاطعات بآلاف الصور والشعارات واليافطات واللوحات الإعلانية كبيرها والوسط والصغير، لا تزال هذه الصوَر واليافطات واللوحات الإعلانية، في معظمها، تصدم عيوننا كل يوم، وننتظر كل يوم من يزيلها عن وجوهنا والحيطان. المرشَّح الذي رصد لأزلامه مبلغاً لنشر صوره ويافطاته وشعاراته فليبادر الى دفع المبلغ نفسه لإزالتها عن وجوهنا والحيطان.
كفانا “التمتُّع” بها في ذهابنا ومجيئنا أربعة أسابيع كاملة: شعارات متلاطمة، وكيديات متفاقمة، تشاتُمات متعاظمة، عبارات متراكمة قرف الناس من قراءتها ومـمّا صاحبها بين ندوات ومناظرات وتصريحات وبيانات و”فضائحيات” رخيصة وصراعات ديوك مسعورة تتناهش في برامج الـ”توك شُو” على شاشة التلفزيونات.
الذين فازوا: مبروك لهم الوصول الى ساحة النجمة بقيمتهم الشخصية الشعبية أو على ظهر المحدلة أو على ظهر البوسطة أو على ظهر “الليستة”. إنما كفى: فليبادروا الى نزع صوَرهم ويافطاتهم عن وجوهنا والحيطان.
والذين خسروا: فليعودوا الى أعمالهم الخاصة قبل الترشُّح أو النيابة، أو فلْيواصلوا عملهم السياسي ما شاؤوا، إنما في الحالتين فلْيبادروا الى نزْع صوَرهم ويافطاتهم عن وجوهنا والحيطان.
يا أيها النواب، العائدون منكم والجُدد: خُذوا مقاعدكم في البرلمان – هذا المكان الشريف لتشريعنا الشريف – وابدأُوا فوراً بالتصميم والتخطيط لمشاريع وتشاريع تضمن الحماية لأولادنا المقيمين، وتضمن العودة لأبنائنا الذين هاجروا هرباً أو قرفاً أو يأساً. فشرِّعوا لنا وخصوصاً لهم ما يقنعهم بأنْ سيكون عندهم وطن يحميهم بشرائعه وقوانينه من الزبائنية والمحسوبية والقبائلية والعشائرية والمزرعجية وابن الست وابن الجارية، و”مَن محسوب على مَن”. أقنعوهم بأن سيكون عندهم وطن مبنيٌّ على المواهب لا على المذاهب، وطن قائم على كفاءة أبنائه على الانتماء لزبانيته، وطن قائم على توافر فرص العمل أمام كل مستحق ومستاهل يحمل شهادة متخرج كفيٍّ يبحث عن عمل سويّ من دون أن يحمل بطاقة توصية من سياسي، وطن يتظلل بسقف أمان لمصالح أولادنا ومستقبلهم.
وأنتم يا أعزّاءنا النواب الشباب: كونوا أنتم المعيار الجديد والدم الجديد في المجلس النيابي الجديد، لتحققوا داخل المجلس ما كنتم تطالبون به وتتظاهرون من أجله حين كنتم خارج المجلس، وكونوا في الداخل صوت أبنائنا في الخارج بسنّ تشريعات عصرية تُلغي قوانين عندنا يعود بعضُها (ويا عيب الشوم!) الى العهد العثماني وبعضُها الآخر الى الانتداب الفرنسي.
يا أيها الـ128: أنتم وصلتم الى ساحة النجمة بأصواتنا نحن كي تكونوا أنتم أصواتنا في المجلس لا أن نكون نحن صدى أصواتكم في المجالس. فَتَصَرّفوا بهذا الشرف الذي منحناكم إياه كي تَنوبوا عنا وتحملوا الوكالة عن شعب لبنان. لذا: خُذوا برَكة الشعب اللبناني كل يوم، واعملوا لإرضاء الشعب اللبناني كل يوم، وكونوا أنتم خادمي الشعب اللبناني كل يوم، وإياكم أن تتصرفوا كأنّ شعب لبنان خادم عندكم تتصرفون به أو معه كما يتصرف بعضكم مع سائقه أو مرافقه أو خادمه أو أزلامه أو محاسيبه.
أيها الـ128: سنحاول إقناعنا أننا نثق بمعظمكم، فحاولوا أن تُقنعونا أننا لسنا مُخطئين كثيراً.
إنما قبل ذلك كله: إنزعوا صوَركم عن وجوهنا والحيطان.