السبت 14 آب 2004
-369-
يواصلُ لبنانُ الْمجتمع الْمدني تَحليقه العالَمي، بعدما لبنان السياسي يغرق في وحوله الْمحلية الْمستعصية.
ففي مطلع هذا الأُسبوع وصلَتْ من باريس الى مكتب السيدة سلوى السنيورة بعاصيري (الأمينة العامة لـ”اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو”) رسالة من كاتيرينا سْتينو (الأمينة التنفيذية لدى الْمدير العام لليونسكو، والْمسؤولة عن برنامج “جائزة اليونسكو: مُدُن من أجل السلام”) تفيد اللجنة اللبنانية بفوز بلدة رأْس الْمتن “مدينةَ السلام عن العالم العربي للسنتين 2002-2003″، وهي البلدة اللبنانية التي كانت “اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو” رشّحتْها لهذه الْجائزة.
وفي بيان ستينو أن “رأس الْمتن فازت بالْجائزة لأنها حقّقَت أربعة إنْجازات تتطلّبها شروط الْجائزة”، وهي:
1) تَحقيق الْمصالَحة بين أبناء الْمجتمع الْمحلي وتأمين عودة الْمهجّرين الى البلدة (بِمسعى من بلدية رأس الْمتن).
2) سمبوزيوم “أيام رأْس الْمتن للرسم والنحت” (تنظّمه منذ أربع سنوات في البلدة “جمعية سيّدات رأْس الْمتن” وبه نَجحت في خلْق متحفٍ غنيٍّ باللوحات والْمنحوتات لكبار الفنانين لبنانيين وعرباً وأجانب، ومنذ السنة الْماضية بلوحاتِ فسيفساءٍ تزيّن ساحة البلدة وشوارعها العامة، بعدما قررت الْجمعية تَخصيص سمبوزيومها السنوي للفسيفساء).
3) الْمركز الصحي في “جمعية سيّدات رأْس الْمتن” (وهو مستوصف عصريّ كامل التجهيز، حاشد الأطبّاء، يؤمِّن لأبناء البلدة والْجوار خدماتٍ صحيةً واجتماعيةً وإنسانيةً وخيرية ببدلات شبه مَجانية لنحو 6000 شخص سنوياً).
4) حملات التشجير التي تعاونت عليها جمعية السيدات مع البلدية وأهل البلدة والْمنطقة لتحقيق ما أسّس سياحةً بيئية (في رأْس الْمتن والبلدات الْمُجاورة من الْمتن الأعلى) أدّت الى تصنيف رأس الْمتن رسمياً “بلدة سياحة واصطياف”.
ولأنّ منظمة اليونسكو تقسِّم الكرة الأرضية خمس مناطق (أفريقيا، آسيا، أوروبا، أميركا الْجنوبية، العالم العربي) فازت رأْس الْمتن عن العالَم العربي، وذهبت جائزة التنويه الى أسوان (مصر)، وهي مصادفة طريفة: حين فازت بالْجائزة نفسها زوق مكايل “مدينة السلام للعالم العربي عامَي 1998-1999″، ذهبت جائزة التنويه الى الاسكندرية.
وبهذه الْجائزة تكون رأْس الْمتن حملَت لبنان الى العالَمية مرتين في أقلّ من شهرَين، ومن منظمة اليونسكو بالذات، إذ كانت الأديبة اللبنانية ناديا الْجردي نويهض (من رأْس الْمتن) فازت قبل أسابيع بِـ”جائزة سيمون بوليفار” العالَمية التي تَمنحها كل سنتين منظمة اليونسكو وحكومة فنْزويلاّ (“أزرار” رقم 362 – “النهار” 26 حزيران 2004).
فالتهنئة لرأْس الْمتن، البلدة اللبنانية الْمزهوّة لؤلؤةً خضراء على صدر جبل لبنان عند كتف وادي لامرتين.
والتهنئة لبلدية رأْس الْمتن على تنميتها الْمجتمع الْمحلّي في ولايتها الأولى وما تُضمره للبلدة في ولايتها الْجديدة.
والتهنئة لـ”جمعية سيّدات رأْس الْمتن” على إنْجازاتِها الكثيرة الْخيرية والإنسانية والثقافية والصحية والاجتماعية.
والتحية أوّلاً وأخيراً لـ”اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو” التي (بفوز ترشيحَيْها الأخيرَين، ومسعاها الْحالي الى التنسيق بين الهيئات الثقافية في لبنان، ولقاؤُها الهيئاتِ الثقافيةَ البقاعيةَ السبت الْماضي في زحلة ترك أصداءَه الرائعة) أثبتَت أنها رائدةٌ ضالعةٌ عميقاً في الْمجتمع الْمدني اللبناني وتبثُّ، على أعلى مستواها، مبادئَ اليونسكو لنشر التربية والعلْم والثقافة بأشرفَ ما من أجله نشأَتْ هذه الْمنظمة العالَمية.