الاثنين 25 شباط 2002
– 240 –
أمثولات في الشعر جيدة، أكسبنيها الشعراء الفرنسيين ضيوف “الأوديسيه” إلى “مهراجان الأرز الشعري” الثالث طوال هذا الأسبوع.
1) جان باتيست بارا (رئيس تحرير مجلة “أوروب” الأدبية وصاحب برنامج شعري في إذاعة “فرنس كولتور”) روى قصة شاعر صيني سئل عن أي شعر يفضل: القديم في القرن العاشر أم الحديث في القرن العشرين؟ فأجاب: كلاهما في مكتبتي على مسافة واحدة من مدّ يدي. وكلاهما عندي حديث. الشعر هو ما يهزني. ليس للشعر عصر أو عمر أو عمر حصري. الشعر الأصيل هو الذي يوم صدوره يختصر جميع ما قبله من أعمار وعصور”.
2) جان باتيست بارا أيضاً، في حديث ثنائي معه، قال لي أن الشعر اللبناني خصوصاً (كما يعرفه من ترجماته إلى الفرنسية) والشرقي عموماً، يتميز بغنى الصورة، وهذه باتت اليوم ضحلة في الشعر الأميركي الحديث)، وهذا ما يفقده النضارة ووسع الخيال.
3) ماري إتيان (من أهم شاعرات فرنسا اليوم) قدمت لإحدى قصائدها بقولها: “سأقرأ هذه المقطوعة، ولا أعرف كيف أحددها: نثراً أم شعراً، لأنني أشتغل قصيدتي، فلماذا ليس يأخذنا الاشتغال على النثر كما يأخذنا اشتغالنا على الشعر؟ حين أكتب النثر، أحب أن أسميه نثراً، ولا أفهم لماذا يجب أن أسميه شعراً كي أعطيه قيمة أكبر”. وهذا يشير إلى أهمية أن كون اللغة، للشاعر المتمكن، غاية أيضاً لا مجرد وسيلة لإيصال الصورة.
4) ليونيل راي (أحد كبار شعراء فرنسا اليوم) قدم لقصيدة قرأها (مهداة إلى فينوس خوري غاتا) بأنها على طريقة رمبو في قصيدته “الحروف الصوتية” وقال إن “رمبو لا يزال معاصراً ونضراً وحديثاً، مع أنه كتب أيضاً الشعر الكىسيكي”. وهذا يشير إلى أن الكلاسيكية (حين يتناولها شاعر كبير) ليست إلى نضوب أو ضمور مع تقدم العصور أو تطور أشكال الكتابة.
5) فينوس خوري غاتا، في قصائدها وإلقائها، تميزت بشرقية بل بلبنانية مشحت حنان قصائدها بغنائية بدا واضحاً كم أنها حملتها تحت جلد قلمها مناخاً من بلادها لا يغيب عن أجواء شعرها أو رواياتها نبضة واحدة.
6) الكبير بيار برونيل ختم مداخلته عن الشعور وأهميته في حياة الإنسان، بقصة أعمى في نيويورك كان يستجدي فوق جسر بروكلين، وعلى صدره لافتة كتب عليها: “أنا أعمى، ساعدوني”. مرّ به رجل فسأله: “كم تجمع في نهاية نهارك؟ فأجاب الأعمى: “دولارين حداً أقصى”. قال الرجل: “سأعود إليك وأفعل ما يزيد عن غلتك”. ورجع الرجل بعد نحو ساعة، فعلق على صدر الأعمى لافتة أخرى. بعد أيام، جاء الرجل وسأل الأعمى عن غلته، فأجابه هذا: “ارتفعت إلى عشرة دولارات! ولكن… رجاء قل لي: ماذا كتبت في هذه اللافتة الجديدة على صدري؟ فقال الرجل: “كتبت هذا البيت من الشعر: سيطل الربيع بعد أيام… ولن أستطيع أن أراه”.