الجمعة 9 آذار 2001
– 192-
لم يعد جديداً قولنا أن تشكيل الأوركسترا السمفونية اللبنانية حدذ ثقافي لبناني مفصلي، ولا عاد ضرورياً ترديدنا ما تقوم به هذه الفرقة الوطنية من تثقيف موسيقي لشعبنا ومجتمعنا، وخاصة لأجيالنا الجديدة.
الجديد في حديث الأوركسترا اليوم، ما بدأ به رئيسها رئيس الكونسرفاتوار اللبناني الدكتور وليد غلمية من سماحه لتلامذة المدارس بالمجيء قبل الظهر إلى مكان العرض الموسيقي المسائي، لحضور التمارين، بكل ما يتخللها من وقفات وملاحظات ومناقشات وإعادات متكررة حتى يستقيم العزف. وحتى اليوم حضر مئات التلامذة من كل لبنان، وأتيح لهم في الاستراحات أن يتقدموا من الموسيقيين ويحاوروهم ويقتربوا من الآلات الموسيقية ويستفسروا عنها ويلمسوها، وهو ما لا يتسنى لهم خلال العرض المسائي، وما ينشئ علاقة عاطفية بين التلامذة والآلات والموسيقى وحضور العروض. وفي هذا ضرورة مهمة جداً لتنشئة جيلنا اللبناني الجديد على الموسيقى التي تطور تفكيره حضارياً.
وكان وليد غلمية أعلن أكثر من مرة عن استعداده لاستقبال مقطوعات كلاسيكية أو تراثية لمؤلفين موسيقيين لبنانيين وإدراجها في ريبيرتوار إحدى الفرقتين: السمفونية والشرق عربية. والذين تقدموا حتى اليوم بمقطوعاتهم، حضروا تنفيذها وهنئوا إلى تقديمها للجمهور اللبناني الذي يتنامى تباعاً بين العرض والعرض التالي.
غير أن هذا التنامي السعيد دونه ما تعانيه الأوركسترا اللبنانية (السمفونية والشرق عربية معاً) من هذا التشرد المعيب بين صالة قصر الأونيسكو (أحياناً) وكنيسة جامعة القديس يوسف (أحياناً) والأسمبلي هول في الجامعة الأميركية (أحياناً) حتى ليضيع الجمهور وهو يبحث كل أسبوع عن مكان عرض الأوركسترا ليلحق بها. ورغم هذا التشرد في المكان ما زال يتنامى جمهور عروض الأوركسترا (بفرقتيها) أسبوعاً بعد أسبوع حتى أصبح المكان يضيق بالوافدين فيغادرون، أو يتابعون وقوفاً في اكتظاظ مزعج يفسد عليهم متابعة العرض الموسيقي بمتعة وهناءة.
فهل من المعقول، وقاعة الأونيسكو مثالية لهذه الأوركسترا، أن تضطر إلى التشرد من مكان إلى مكان، فيما قاعة الأونيسكو تعطى لفاعليات مختلفة، بعضها القليل راق ومهم وجموهره عريض وكثيف ولائق، وبعضها الأغلب تافه ساقط يجتمع له على المنصة والمنبر أكثثر مما يكون جمهوره في الصالة؟
يا صديقنا وزير الثقافة،
لأن قاعة قصر الأونيسكو باتت اليوم من صلاحيتك، ونحن نعرف مخزونك الثقافي العالي، نناشدك باسم جميع المتدفقين أسبوعياً لحضور أمسيات الأوركسترا ومسرحها العريض وإمكاناتها الاستيعابية والتقنية، فليس عندنا بأولوية القاعة أجدر منها، هذه الأوركسترا التي حين نذكر عناويننا الرسمية في لبنان، لا عنوان عندنا نعطيه قبلها، هي التي تنشئ أجيالنا الجديدة على الموسيقى العالمية، وتستقطب جمهورنا أسبوعياً إلى ساعتين من العالم الذي حين يزداد اعتياد مجتمعنا عليه تتغير فيه أطباع وعادات، وتتطور لديه مستويات أساسية في التفكير والمواطنية.