الخميس 29 نيسان 1999
-96-
من خصائص اللبناني (بين دول المنطقة) أنه متعدد اللغة وأنه- منذ هو على مقاعد الدراسة- يتقن على الأقل لغة أجنبية واحدة يتكلّم بها ويكتبها، إلى إتقانه (إتقانه؟) العربية حين يكتبها، على أساس أن لغته المحكية ليست في حسبان ما يتقن.
ومن خصائص اللبناني (بين دول المنطقة كذلك) أنه يستخدم في كلامه (باللغة المحكية) كلمات أجنبية كثيرة، أحياناً مقصودة بدافع التشاوف، وغالباً في شكل عفوي بعدما دخلت الكلمات الأجنبية لغتنا المحكية في صورة تلقائية حتّى باتت جزءاً من كلامنا اليومي، وحتّى لم نعد ننتبه إلى أن هذه الكلمات أجنبية.
هذه قد تكون من فضائل اتساع لغتنا المحكية، ومن غنى قاموس اللبناني وامتلاكه اللغات.
على أن هذا يبرر مطلقاً أن تصلنا دعوات لبنانية إلى احتفالات لبنانية، على بطاقات بالفرنسية أو الإنكليزية، وغالباً ما تكون فعالية الاحتفال بالعربية ويخطب فيها لبنانيون.
فالحاصل أن الفرونكوفوني لا يشعر أنه معني ببطاقة تصله في الإنكليزية، ولا الأنكاوفوني يشعر أنه معني ببطاقة تصله في الفرنسية.
لبنان متعدد اللغة؟ عال. فلتكن البطاقة (ولنحاول أن نجد عذراً للغة الأجنبية) بالعربية ومعها اللغة الأجنبية التي يحب منظموها أن يصدروها بها، فالفرونكوفوني الذي لا يقرأها بالإنكليزية، يقرأها بالعربية فيشعر أنه معني بها، والأنكلوفوني كذلك يقرأها بالعربية ويشر أنه معني بها.
حتّى السفارات الأجنبية في لبنان، فلتطبع بطاقاتها بلغتها الأم، وبالعربية كذلك، كي يشعر اللبناني (الذي لا يتكلّم لغة بلاد السفارة) أنه معني بدعوتها حين يقرأ دعوتها بالعربية.
الأمر نفسه ينسحب على لائحة أسماء الأعمال في المعارض الفنية، فلتكن في اللغة الأجنبية التي يريدها الفنان، ولتكن العربية مقابلتها، كي يشعر كلّ مرتاد معرضه أنه يتواصل مع أسماء أعماله.
ثلاث لغات؟ لا. ليس ضرورياً. إنما الضروري العربية إلى جانب الأجنبية المقترحة، حتّى لا يشعر الفرونكوفوني أو الأنكلوفوني أنه معزول عن متابعة نصّ البطاقة أو المعرض أو أي احتفال آخر يدخله لا يستطيع متابعة النصّ بالأجنبية حين لا تكون هذه الأجنبية بالذات لغته الثانية.
متعدد اللغة لبنان؟ هذه فضيلة. إنما “الانخراع” بالأجنبية وحدها ليس دليل حضارة، بل “سنوبيسم”: دونكيشوتي يحول دون وصولنا إلى أوسع عدد من المتلقين اللبنانيين.