الخميس 14 أيار 1998
– 45 –
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية، وارتفاع حمّاها، يظل علينا ضوء جميل كنّا نتمنّاه وندعو إليه: إقدام نسائنا وصبايانا على الترشيح. ففيما حكومتنا تفتقد العنصر النسائي، ومجلس نوّابنا لم يحظّ منهم إلاّ بثلاث، يبدو أن المجالس البلدية ستكون مضمخة بالحضور النسائي اللبناني، بعدما عادت المرأة اللبنانية من مؤتمر بيجينغ، وأخذت بتفعيل حضورها على المستويين المحلّي والعالمي.
وإذا كانت منى الهراوي نموذجاً رائعاً لحيوية المرأة اللبنانية في العمل الاجتماعي والإنساني والتربوي والثقافي والتراثي والنهضوي والإنمائي والعمراني، فحريّ بالمرأة اللبنانية أن تحذو حذوها، فتدخل ميدان العمل البلدي لتكون خدمتها الوطن ككل، منطلقة من خليتها الصغرى: البلدة، عبر البلدية.
قبل أيام بلغنا نبأ ترشيح زميلتنا مي كحّالة لانتخابات بلدية سن الفيل، بما لها من موهبة صحافية وسياسية (هي مستشارة منذ تسع) واجتماعية وثقافية، نرصد عليها عملاً طليعياً نوقن أنه سيكون مجدياً للبلدية ومجتمعها ومستقبلها، خاصة إذا أحسنت اختيار معاونيها وفريق عملها، وهي اختبرت، من “النهار” مدرستها الأولى، ومن القصر الجمهوري محطتها الأخيرة، كيف يكون العمل الجماعي المجدي.
وصباح أمس، بلغنا إقدام زميلة أخرى على الترشيح لبلدية بيروت. رلى وفيق العجوز. وللترشيح في العاصمة ظروف أخرى وتطلّعات أخرى، يبدو أن الرُلى منتبهة لها، بدليل ما تقوم به من تحضيرات قطفت معظمها خلال جولاتها على عواصم كبرى في الولايات المتحدة وأوروبا، وتضمر أن تحققها لعاصمتها.
ثقتنا بهذه الصبية (30 عاماً، خريجة الجامعة الأميركية- فرع العلاقات الدولية- وأستاذة محاضرة فيها)، نابعة مما حققته حتَّى اليوم من إنجازات مهنية: فخي مندوبة الـ”هيرلد تريبيون” في لبنان، وتالياً حققت فيها ملحقين كبيرين عن لبنان لاقيا صدى عالمياً. وهي (منذ أسبوع فقط) باتت مندوبة “تايم ماغازين” و”فورتشن ماغازين” في مصر وقريباً في الشرق الأوسط، وفي هاتين المندوبيّتين ما فيهما من اتصالات عالمية على نطاق واسع يمكنها توظيفها للعمل من أجل بيروت.
وهي المديرة العامة لمجلة “أجنحة الأرز” التي تبث فيها كل عدد نفحة حضارية عن لبنان، وتركّز منذ عدّة أعداد على بيروت بالذات، ودورها الطليعي والتاريخي، بيروت الماضي العريق والمستقبل المشرق. وكل هذا، كما قالته لي مساء أمس، ستوظفه من أجل عاصمتها التي فيها ولدت، ولها حلمها العمراني الكبير.
فمن مشاريع تدرّ مداخيل على البلدية (لا علاقة لها بالجباية من المواطنين)، إلى مشاريع ذات تمويل ذاتي تثري المدينة بالتحسين والإنشاءات الصحيّة والتربوية والاجتماعية فيفيد منها البيريتيون من دون أن يتكبّدوا أيّة مصاريف، إلى مشاريع يحققها القطاع الخاص في القطاع العام، فيفيد منها هذا الأخير، كتحضير بيروت شزوارع وحدائق، وإنشاء حدائق للأطفال عامّة متنقلة (على غرار ما يحصل في مونبارناس ولندن وفي إيطاليا وعدّة ولايات أميركية)، وإعادة تجربة “شارع المكحول” في غير شارع من بيروت حتَّى تتحوّل بيروت بين موسم وآخر إلى واحة ثقافية فنية يفيد منها المواطنون من دون أن يدفعوا قرشاً واحداً.
كلّ هذا بدون تمويل من الناس أو من الدولة؟ نعم. كلّ هذا بمشاريع “رعاية” من القطاع الخاص لقاء استثمار إعلامي أو إعلاني. وخبرة رلى العجوز في عالم الإعلان والعلاقات العامة، تجعلنا نوقن أنها ستوظف خبرتها في بلدية بيروت، لعاصمة تدخل القرن الواحد والعشرين بوشاح العصر ونظرة المستقبل.