20: بعلبك في الانتظار

السبت 26 نيسان 1997
– 20 –
بين توسيمها الاثنين الماضي، بكلام من جاك شيراك على لسان سفيره عندنا جان بيار لافون، وإعلان وزير سياحتنا نقولا فتوش اعتذاره آسفاً لاعتذارها عن المشاركة في مهرجانات بعلبك العائدة، مسافة ما بين الفرحة والغصّة التي تنغص الفرح.
ففي حين يرسل إليها رئيس فرنسا وسام جوقة الشرف، ومعه كلاماً من طراز أنه يكرّم “الإشعاع الذي يجسّده صوتها العظيم في لبنان والعالم العربي، الصوت الذي تخطّى تألقه حدود الشرق الأوسط”، يرسل إلينا وزير السياحة نبأ أنها لن تقف هذا الصيف على مدارج بعلبك، لنوء موازنة وزارة السياحة ولجنة مهرجانات بعلبك عن احتمال ما سوف تكلّفه “الليالي اللبنانية” الأربع.
أولاً وسريعاً: لا نلوم نقولا فتوش، وهو الثقيف المتنوّر الذي جعل للسياحة عندنا جمالاً يعادل الشِّعر. كما لا نلوم لجنة مهرجانات بعلبك التي ناءت عن احتمال ميزانية تجعل “الليالي اللبنانية” على مستوى الانتظار الطويل، للخروج من عتم القلعة إلى نور الصوت الذي أضاء القلعة بشاعريته.
ولكن، هل هذا يكفي، كي نلملم خيبتنا وغصّتنا بالـ”يا ليت”؟
أين بابازات الحسابات المليارية في مصارف لبنان والخارج، لا يهرعون إلى مدّ المساعدة لوزارة السياحة أو للجنة مهرجانات بعلبك، إنقاذاً لعودة مهرجاناتنا الدولية التي استقطبت ذات فترة كبار نجوم العالم؟
أين المؤسسات المصرفية والمالية والاستثمارية لا “ترعى” مشروعاً ضخماً من هذا الحجم، أسوة بما يقوم به، ولو على مستوى آخر، رعاة المباريات الرياضية وثقافة القدمين؟
الرعاية التجارية لم تبقَ “عيباً” في الفن، حين هي على مستوى راق، أسوة بكبريات الحفلات الفنية في العالم، لنجوم الدرجة الأولى في الولايات المتحدة وأوروبا، حين يكون “الراعي” على مستوى مصرف أو مؤسسة أو هيئة عالمية.
فلماذا عندنا لا نفيد من برنامج فني راق ومكلف وضخم، حين تتأمن له رعاية لائقة غير مستهترة وغير “متجرئة” وغير ذات مواد استهلاكية أقل من مستوى الحدث الكبير؟
ومن قال إن رعاية “الليالي اللبانية” عملية “خاسرة” للراعي على المستويين المادي والمعنوي؟
ما الذي جعل إمكانات لجنة مهرجانات بيروت، بسحر ساحر وعصاً أعجوبية، تسمح بإحياء ليلة 16 أيلول في ساحة الشهداء، ولا يبادر المعنيون إلى تمويل (فردي أو مؤسساتي) لإنجاح مهرجانات بعلبك؟
بغياب عاصي، واستعداد فيروز للقبول، واستعداد منصور للمشاركة في ريبيرتوار منسوج من الأنطولوجيا الرحبانية، ليس من عذر لتضاء مهرجانات بعلبك بغير فيروز والتراث الرحباني.
بعلبك بدون فيروز وتألقها الرحباني؟ عتمها أخف ظلاماً.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*