(الثلثاء 9/3/2004)
حلقة أمس الاثنين، عن رمي النفايات من شباك السيارة، فتحت الباب أمام السؤال اللافت عن الطلاق الْحاصل بين الْمواطن والدولة.
فلماذا يَحرَص الْمواطن على نظافة بيته، مدخلاً وداخلاً ودواخل، وعلى نظافة سيارته وكلبه وهرّ الْمدام، ولا يَحرص على نظافة الشارع والْحي والْمدينة؟
ولِماذا يتصرّف الْمواطن اللبناني كأن الشارع لا يعنيه بل هو للآخرين، والْحيَّ لا يعنيه بل هو للبلدية، والْمدينةَ لا تعنيه بل هي للدولة؟
لِماذا لا يعتبر أن الشارع له، والْحي له، والْمدينة له، حفاظه عليها من حفاظه على بيته، وله فيها ما له في بيته، حتى يظل يتصرَّف بسلوكٍ أرعنَ معتبراً أن الدولة خصمةٌ أو عدوٌّ، وكلما أمعن في إيذائها، فشَّ خلقه ونفَّس عن حقده وغضبه؟
مرعبٌ هذا الطلاق عندنا بين الْمُواطن والدولة.
صحيح أن الدولة عندنا جسمها “لبّيس”، ولَم تترك مَجالاً للمواطن كي يحبَّها ويعملَ كأنها منه وله.
لكنَّ هذا ليس عذراً لِنُمعن في تدميرنا الذاتي كأننا في دولة وطن آخر.
الدولة ليست بوليس سير لِمن يريد أن يُخالف السير.
والدولة ليست عامل تنظيفات لِمن يريد أن يرمي نفاياته في الشارع من يده أو من شباك سيارته.
والدولة ليست سلطة احتلال أو انتداب أو اجتياح كي نؤذيْها بِمخالفاتنا القوانين.
الدولة نَحن، ولن تقوم عندنا دولةٌ ما لَم نبدأ بالتصرُّف كأن كل مواطن خفير، وكل مواطن مسؤول عن شارعه وحيّه ومدينته كما هو مسؤول عن بيته.
الدولة ليست بِمن في الْحكم. مَن في الْحكم اليوم في الْحكم، وغداً يذهبون الى النسيان.
الدولة هي كل مواطن باقٍ، لأن الْمسؤولين زائلون والدولة باقية مثلما الْمواطن باقٍ.
ويا تعس وطنٍ يتصرف الْمواطنون فيه كأن دولتهم، مثلَ الْمسؤولين، صائرةٌ الى زوال.